الاتحاد ولد من أول ناد تأسس بالمملكة.. والجاويون صنعوا نادي الحزب في مكة قبل تحويله للوحدة..!
لقاء: خالد الدوس :
يرى الكثير من الرياضيين أن نادي الاتحاد هو أول ناد يتم تأسيسه بالمملكة وأنه الأقدم والأجدر باللقب التاريخي.. وبالمقابل يرى كبار الوحداويين المخضرمين أن نادي الوحدة هو الأحق في الرياضة التأسيسية على مستوى الأندية السعودية.. وبين هذا التضارب وهذا الجدل البيزنطي بين الناديين الكبيرين.. يبقى صوت التاريخ هو الفيصل لحل هذه الإشكالية التي لازمت مسيرة العميد والفرسان سنوات وسنوات.. فالتاريخ الرياضي بالمملكة يؤكد بلغة الأرقام والمستندات المثبتة.. أن العاصمة المقدسة هي أول مدينة شهدت ممارسة لعبة كرة القدم من خلال الفرق الجاوية.. بينما مدينة جدة كانت أول مدن المملكة التي يشكل فيها فريق من الوطنيين من خلال فريق (الرياضي) وهو أول فريق تأسس في جدة عام 1346هـ والذي لم يلبث عدة أشهر إلا وحصل الانقسام التاريخي الأول وأعلن ولادة نادي الاتحاد عام 1347هـ على يد رجالاته الكبار ومنهم حمزة فتيحي وعلي سلطان وعبدالرزاق عجلان.
(الجزيرة) التقت المؤرخ الرياضي الكبير الأستاذ محمد القدادي الذي خصها بحديث تاريخي مدعم بالوثائق التاريخية والصور النادرة والمعلومات الثرية؛ لتسليط الضوء على أبرز ملامح قيام الرياضة بالمنطقة الغربية وكشف المعلومات الدامغة حول صاحب الأقدمية من الناحية التأسيسية بين الناديين المخضرمين الاتحاد والوحدة... إلى نص اللقاء التاريخي.
البداية في مكة
يقول في معرض حديثه التاريخي: كانت مكة المكرمة هي مركز الحكومة التي تنطلق منها جميع القرارات الحكومية، كما أنها مقر الوزارات التي أنشئت واستمرت على هذا المنوال قرابة 28 عاماً حتى انتقلت إلى الرياض وكانت الحياة الحديثة وكل الشعوب المسلمة تقصد العاصمة المقدسة نظراً لموقعها ومكانتها الدينية فكانت الأقرب إلى التحضر وإلى أن تكون الرياضة بالتالي منتعشة فيها قياساً إلى وصولها المبكر إليها.. قبل دخول الملك عبدالعزيز إلى مكة بـ20 عاماً على الأقل حيث كانت تمارس كرة القدم والألعاب المختلفة بالمدارس والحارات.. وكانت رعاية الأمير فيصل بن عبدالعزيز نائب الملك في الحجاز لحفلة سباق الخيل بميدان العدل بمكة في أول أيام عيد الفطر المبارك عام 1345هـ والتي وضع لها الأمير فيصل خمس جوائز للفائزين كما نظم سباقاً آخر للهجن في 13- 7-1346هـ هذا بالنسبة لرياضة سباق الخيل والهجن وهي من أعرق وأرقى الرياضات العربية.
تأسيس الأهلي
لكن كرة القدم أحيت من جديد في مكة المكرمة تحت أقدام الإندونسيين الذين حجزتهم الحرب العالمية الأولى عن العودة إلى بلادهم إضافة إلى من بقي منهم في العاصمة المقدسة للدراسة في الحرم الشريف فكانت أسماء هذه الفرق (الملايو والمنتو والغلمبان وسياو.. إلخ)، وسرعان ما اختلط معهم أبناء مكة المكرمة الأصليون لكن سيطرة اللاعبين غير السعوديين على الفرق الموجودة كانت قائمة وإزاء ذلك لم يكن أمام اللاعبين السعوديين في مكة نهاية عام 1348هـ إلا أن ينشئوا فريقاً وطنياً أسموه الأهلي ليكون أول فريق وطني في مكة المكرمة.
إيقاف الرياضة
ضم الأهلي الوليد أبناء شعب عامر وسوق الليل وشعب علي، وكان الأمير فيصل بن عبدالعزيز نائب الملك في الحجاز إذا مرّ موكبه حول ملعب الأهلي يشاهد لعب الفريق الوليد. ومن لاعبيه أيضاً حسين عرب وكان يرأسه الشريف فواز، وعقب تأسيس الأهلي بعامين تأسس فريق الوطن، وكان يرأسه حسين حلواني عام 1350هـ، وأصبح عدد الفرق التي تمارس كرة القدم يتزايد؛ مما استدعى أن يكون هناك مزيد من التنافس. طبعاً كانت هناك أندية كبيرة في مكة المكرمة هي: النادي الأهلي، نادي الفادع، نادي الملايو حجاز، نادي دار الرضوان، نادي سنز فلمباغ وأندية لعبت من 1352- 1360هـ، ومن ضمنها: الوطن، منتخب الأطفال، دار الافتخار، الإتقان إخوان، نسور الحجاز، المنتو وغيرها، ويظهر هذا الكم الكبير من الفرق الرياضية التي كانت تظهر ثم تختفي ضعف الإمكانات المادية وعدم وجود قاعدة صلبة وطوال تلك الفترة كانت الرياضة في مكة المكرمة قد تعرضت لقراري إيقاف لمعاقبة المتسببين في أحداث شغب حدثت وكان آخر إيقاف في عام 1361هـ بسبب مشاجرة بين اللاعبين البصنوي والأزهري من فريقي الوطن والأهلي.
الحرب قلصت الحياة الرياضية
ساعدت أحداث الحرب العالمية الثانية في تقليص الحياة الرياضية نظراً لانتقال الناس إلى البحث الصعب عن قوتهم وبعد أن انتهت الحرب العظمى بدأت الرياضة في الحجاز عموماً وفي مكة المكرمة تحديداً تستعيد عافيتها وقصة عودة الرياضة إلى العاصمة المقدسة تعود إلى أن مجموعة من الإندونسيين كانوا يجتمعون في مكان ما فاتفق حسين فلمبان وزملاؤه على أن يمارسوا رياضتهم المفضلة وخرجوا إلى قهوة بالمسفلة يقال لها قهوة باجراد وأخذ حسين الكرة وجهزها وتم اختيار أرض قريبة من القهوة وبدأوا في تخطيط الأرض ومن ثم مزاولة اللعب وبعد عدة أسابيع التحق بهم أحمد قارون وأحمد آشي وغيرهما وأصبح عددهم يزيد على (30) لاعباً وبذلك شكلوا أول فريق في العاصمة المقدسة بعد الحرب وكان هذا الحدث طبقاً لما ذكره لي الأستاذ عباس حداوي ومحمد أزهر ومحمد فودة أن يتمرنوا مع إخوانهم الإندونسيين وهذا ما حدث فعلاً.. لكن هذا ضايق البعض من الإندونسيين فحاولوا أن يمنعوهم بطريقة غير مباشرة باستخدام الخشونة معهم في الملعب إلى أن منعوهم ومن جراء هذا أصيب عباس حداوي بضربة في ساقه وتضامن معه زملاؤه الذين لاحظوا الخشونة المتعمدة ضدهم فخرجوا من الملعب.
وتبعاً لذلك تدارسوا إنشاء فريق آخر لهم وخططوا ملعباً مجاوراً لملعب الإندونسيين لكن هذا الفريق الثاني لم يستمر للصراع على الرئاسة بينهم ولكنهم اتفقوا أخيراً على أن يختاروا الرئيس بالتصويت.
لكن التصويت فشل ولم يتم ولم يبق إلا عبدالله المهنا وهو أحذ المنافسين على الرئاسة وبعض الأفراد يصوبون على المرمى وفي هذه الأثناء حصل انقسام آخر في فريق الإندونسيين على الرئاسة ففريق يريد أحمد قاروت رئيساً وآخر يريد أحمر فيرا رئيساً لكن الأخير فاز على القاروت الذي انسحب واتفق مع عبدالله المهنا وصحبه على تأسيس فريق جديد أسموه الحزب الرياضي.
تأسيس الوحدة
لاحظ المؤسسون لهذا الفريق الذي أصبح ينهض يوماً بعد الآخر أن هذا الاسم غير مناسب (الحزب الرياضي) خاصة بعد انضمام أعضاء جدد وتم اختيار اسم جديد وهو (الوحدة) وفي عام واحد وقفت الوحدة واشتد عودها وأصبح لها أكثر من فريق منها الأشبال والنواة، وقرر الفريق أن يكتسب مزيداً من التأييد والدعم فوجه دعوة للأمير عبدالله الفيصل - رحمه الله- ليحضر مناورة يضمها الفريق بين فرعيه على ملعبه بالمسفلة وشرفها رائد الرياضة وأعجب بمهارة اللاعبين، وبعد الحرب العالمية الثانية عام 1364هـ ظهر عدد من الفرق وانتعشت الكرة في مكة المكرمة ومنها اتحاد الإخوان، الشبيبة السودانية، الوحدة، الشباب الرياضي، الشبيبة السعودية، زهرة الوطن، السلام، ملاياتيم، دار الأمان، التضامن، النصر، الوطني السعودي، وغيرها من الفرق، طبعاً يلاحظ اختفاء أسماء الفرق الإندونيسية، وأصبح اللاعب السعودي والعربي هو المشارك الأكبر في الملعب في فرق الأندية.
كأس السنبس
قدم محمد خطيب سنبس في عام 1368هـ كأساً لتحريك النشاط الرياضي وهذه الكأس من الفضة الخالصة صنعها لدى صائغ في مكة بحيث تلعب المباريات عليها بين منتخب الشبيبة السعودية من جدة ومكة وإزاء ذلك شكل السنبس فريقاً بمكة المكرمة يحمل هذا الاسم وبين الشبيبة الحضرمية والسودانية ومن لاعبي جدة الذين شاركوا في هاتين المباراتين زهران أسود والبرق ولقد لعبت المباراة الأولى بدون شباك للمرمى والمباراة الثانية لعبت بالشباك للمرمى وقد لعبت المباراتان في مكة المكرمة وجدة ولم يسلم السنبس الكأس لأي فريق لتعادلهما في هاتين المباراتين، وفي أوائل السبعينيات الهجرية أنشئت أندية جديدة في مكة المكرمة مثل الهلال الجوي الذي تأسس عام 1371هـ برئاسة جميل كابلي كما قام درويش حمزة بالإعلان في جريدة البلاد السعودية في 9-5- 1371هـ عن إعادة إحياء فريق الوطن الشهير وممارسته لتمارينه في المعابدة إلى جوار قهوة عثمان بصفته رئيساً للفريق.
كما تأسس عام 1371هـ فريق الشباب العربي السعودي برئاسة عبدالمجيد (قنذر علي) وفي عام 1373هـ تأسس فريق نجم الشرق وفريق البلاد السعودية.
رائد الرياض يدعم الوحدة
ومن أشهر المباريات التي أقيمت في مكة المكرمة بعد الحرب العالمية الثانية كانت في 7-1-1368هـ عندما أقام فريق الزهور على ملعبه بالهنداوية مناورة شهدها جمهور كبير انتهت بالتعادل 0 - 0 وأيضاً في 5-2-1368هـ مباراة جمعت اتحاد الإخوان مع فريق الشبيبة السودانية حيث التقيا على وسام ثمين قدمه أحد المشجعين للرياضة على ملعب الاتحاد بالمسفلة وانتهت أيضاً بالتعادل السلبي.
وفي 22-3-1369هـ التقى الوحدة مع الفريق السوداني على الوسام المقدم من أحد الشخصيات الرياضية وانتهت بالتعادل وفي 14-5-1369هـ التقى الوحدة الرياضية مع المختلط السعودي على ملعب الوحدة بالمسفلة على شرف الأمير عبدالله الفيصل ومدير الأمن العام ونائب رئيس مجلس الشورى وانتهت 3-2 للوحدة وفي 10-4-1370هـ أقامت الوحدة بحضور الأمير عبدالله الفيصل وسمو الأمير سعد بن فهد وسمو الأمير خالد الفيصل مباراة بين أشبال الوحدة والفريق الإيطالي على ملعب أهلي جدة وبيعت التذاكر بالقشاشية بدكان سالم سجيني وفاز الوحدة 2-1 وفي يوم الجمعة 7-6- 1370 أقيمت مباراة بين فريقي الوحدة بمكة والاتحاد من جدة على ملعب الوحدة بجرول وكانت قيمة تذكرة المباراة (4 ريالات) وبيعت تذاكرها بدكان سالم سجيني وبيعت في جدة بدكان حسن قزاز بسوق الندى.
وعلى أثر إعلان إقامة هذه المباراة انهالت التبرعات على الوحدة حيث تبرع الأمير عبدالله الفيصل بألف ريال والأمير سعد بن فهد بألف ريال وعبدالرؤوف صبان بـ500 ريال وعبدالرحمن صبان بـ300 ريال، وسلمان السديري بـ200 ريال، وحامد دمنهوري بـ200 ريال، ويوسف خضري بـ200 ريال، وعبدالله عريف بـ100 ريال وتبرعات أخرى... إلخ.
وقد شهدت هذه المباراة حضوراً جماهيرياً كبيراً وكسب الاتحاد المواجهة بهدف أشاع الفوضى في الملعب وتوقفت المباراة واحتج جمهور الوحدة ولاعبوه بحجة أن الهدف تسلل وقد حكم اللقاء نثار حيدر وعلي سعيد وعبدالرزاق بليلة.
التأسيس في جدة
أما انطلاقة الرياضة في مدينة جدة فكانت في عقد الأربعينيات الهجرية حيث كان فريق الرياضي أول الفرق التي نهضت بلعبة كرة القدم التي عادت إلى مدينة جدة عام 1346هـ بعد عودة الحُكم السعودي إلى الحجاز قبل ذلك التاريخ بعامين، فإذا كانت مكة المكرمة أول مدينة لعبت فيها كرة القدم من خلال الفرق الجاوية إلا أن جدة كانت أول مدينة في المملكة يشكل فيها فريق من الوطنيين في الحقبة السعودية وكان فريق الرياض الذي يعتبر أول فريق تأسس في جدة في العهد السعودي وضم نخبة من المثقفين أمثال حمزة شحاتة، محمود عارف، حسن كامل، عمر نصيف، محمد درويش، حمزة فتيحي، محمد جار، يونس سلامة، كما ضم الفريق الوليد أبناء الطبقة البسيطة أمثال علي يماني، أحمد أبو طالب وعثمان باناجه، عباس خميس، محمد علي عتيبي وصالح سلمة وصالح هاشم وعيسى جمجوم... وغيرهم.
الانقسام الأول!!
مارس فريق الرياضي الكرة فترة محدودة إلا أنه لم يلبث أن انشق على نفسه في منتصف عام 1347هـ لخلافات بين أبناء النادي بسبب المستوى الاجتماعي فخرج عدد من اللاعبين من أبناء الكادحين ومن يؤيدهم من الميسورين المثقفين أمثال عبدالرزاق جميل وزهران إسماعيل وعثمان باناجه وعبد الصمد نجيب وحمزة فتيحي وأسسوا فريق الاتحاد الوطني وشكلت إدارته برئاسة (علي سلطان) وسكرتارية عبدالرزاق عجلان وعباس حلواني وصالح سلامة وحمزة فتيحي فيما واصل الفريق الرياضي الحجازي وهو اسمه الكامل تمارينه ومبارياته وكان سكرتيره عام 1351هـ يونس سلامة.
شعار الاتحاد
أما فريق الاتحاد فعقد كل من عبدالعزيز جميل وزهران إسماعيل وعبدالصمد نجيب وباناجه وعبدالرزاق عجلان وحمزة فتيحي بعد انفصالهم عن الفريق الرياضي.. اجتماعاً خلف مبنى اللاسلكي القديم تدارسوا فيه كافة المسائل المتعلقة بناديهم الوليد الذي اكتمل تكوينه وتسميته بالاتحاد الوطني وبحثوا عن شعار مميز لفريقهم أسوة بالفرق الأخرى واتفقوا على أن يرسلوا إلى السودان لطلب شعار لفريقهم الجديد على اعتبار أسبقية السودان في ممارسة الكرة.
لقاء: خالد الدوس :
يرى الكثير من الرياضيين أن نادي الاتحاد هو أول ناد يتم تأسيسه بالمملكة وأنه الأقدم والأجدر باللقب التاريخي.. وبالمقابل يرى كبار الوحداويين المخضرمين أن نادي الوحدة هو الأحق في الرياضة التأسيسية على مستوى الأندية السعودية.. وبين هذا التضارب وهذا الجدل البيزنطي بين الناديين الكبيرين.. يبقى صوت التاريخ هو الفيصل لحل هذه الإشكالية التي لازمت مسيرة العميد والفرسان سنوات وسنوات.. فالتاريخ الرياضي بالمملكة يؤكد بلغة الأرقام والمستندات المثبتة.. أن العاصمة المقدسة هي أول مدينة شهدت ممارسة لعبة كرة القدم من خلال الفرق الجاوية.. بينما مدينة جدة كانت أول مدن المملكة التي يشكل فيها فريق من الوطنيين من خلال فريق (الرياضي) وهو أول فريق تأسس في جدة عام 1346هـ والذي لم يلبث عدة أشهر إلا وحصل الانقسام التاريخي الأول وأعلن ولادة نادي الاتحاد عام 1347هـ على يد رجالاته الكبار ومنهم حمزة فتيحي وعلي سلطان وعبدالرزاق عجلان.
(الجزيرة) التقت المؤرخ الرياضي الكبير الأستاذ محمد القدادي الذي خصها بحديث تاريخي مدعم بالوثائق التاريخية والصور النادرة والمعلومات الثرية؛ لتسليط الضوء على أبرز ملامح قيام الرياضة بالمنطقة الغربية وكشف المعلومات الدامغة حول صاحب الأقدمية من الناحية التأسيسية بين الناديين المخضرمين الاتحاد والوحدة... إلى نص اللقاء التاريخي.
البداية في مكة
يقول في معرض حديثه التاريخي: كانت مكة المكرمة هي مركز الحكومة التي تنطلق منها جميع القرارات الحكومية، كما أنها مقر الوزارات التي أنشئت واستمرت على هذا المنوال قرابة 28 عاماً حتى انتقلت إلى الرياض وكانت الحياة الحديثة وكل الشعوب المسلمة تقصد العاصمة المقدسة نظراً لموقعها ومكانتها الدينية فكانت الأقرب إلى التحضر وإلى أن تكون الرياضة بالتالي منتعشة فيها قياساً إلى وصولها المبكر إليها.. قبل دخول الملك عبدالعزيز إلى مكة بـ20 عاماً على الأقل حيث كانت تمارس كرة القدم والألعاب المختلفة بالمدارس والحارات.. وكانت رعاية الأمير فيصل بن عبدالعزيز نائب الملك في الحجاز لحفلة سباق الخيل بميدان العدل بمكة في أول أيام عيد الفطر المبارك عام 1345هـ والتي وضع لها الأمير فيصل خمس جوائز للفائزين كما نظم سباقاً آخر للهجن في 13- 7-1346هـ هذا بالنسبة لرياضة سباق الخيل والهجن وهي من أعرق وأرقى الرياضات العربية.
تأسيس الأهلي
لكن كرة القدم أحيت من جديد في مكة المكرمة تحت أقدام الإندونسيين الذين حجزتهم الحرب العالمية الأولى عن العودة إلى بلادهم إضافة إلى من بقي منهم في العاصمة المقدسة للدراسة في الحرم الشريف فكانت أسماء هذه الفرق (الملايو والمنتو والغلمبان وسياو.. إلخ)، وسرعان ما اختلط معهم أبناء مكة المكرمة الأصليون لكن سيطرة اللاعبين غير السعوديين على الفرق الموجودة كانت قائمة وإزاء ذلك لم يكن أمام اللاعبين السعوديين في مكة نهاية عام 1348هـ إلا أن ينشئوا فريقاً وطنياً أسموه الأهلي ليكون أول فريق وطني في مكة المكرمة.
إيقاف الرياضة
ضم الأهلي الوليد أبناء شعب عامر وسوق الليل وشعب علي، وكان الأمير فيصل بن عبدالعزيز نائب الملك في الحجاز إذا مرّ موكبه حول ملعب الأهلي يشاهد لعب الفريق الوليد. ومن لاعبيه أيضاً حسين عرب وكان يرأسه الشريف فواز، وعقب تأسيس الأهلي بعامين تأسس فريق الوطن، وكان يرأسه حسين حلواني عام 1350هـ، وأصبح عدد الفرق التي تمارس كرة القدم يتزايد؛ مما استدعى أن يكون هناك مزيد من التنافس. طبعاً كانت هناك أندية كبيرة في مكة المكرمة هي: النادي الأهلي، نادي الفادع، نادي الملايو حجاز، نادي دار الرضوان، نادي سنز فلمباغ وأندية لعبت من 1352- 1360هـ، ومن ضمنها: الوطن، منتخب الأطفال، دار الافتخار، الإتقان إخوان، نسور الحجاز، المنتو وغيرها، ويظهر هذا الكم الكبير من الفرق الرياضية التي كانت تظهر ثم تختفي ضعف الإمكانات المادية وعدم وجود قاعدة صلبة وطوال تلك الفترة كانت الرياضة في مكة المكرمة قد تعرضت لقراري إيقاف لمعاقبة المتسببين في أحداث شغب حدثت وكان آخر إيقاف في عام 1361هـ بسبب مشاجرة بين اللاعبين البصنوي والأزهري من فريقي الوطن والأهلي.
الحرب قلصت الحياة الرياضية
ساعدت أحداث الحرب العالمية الثانية في تقليص الحياة الرياضية نظراً لانتقال الناس إلى البحث الصعب عن قوتهم وبعد أن انتهت الحرب العظمى بدأت الرياضة في الحجاز عموماً وفي مكة المكرمة تحديداً تستعيد عافيتها وقصة عودة الرياضة إلى العاصمة المقدسة تعود إلى أن مجموعة من الإندونسيين كانوا يجتمعون في مكان ما فاتفق حسين فلمبان وزملاؤه على أن يمارسوا رياضتهم المفضلة وخرجوا إلى قهوة بالمسفلة يقال لها قهوة باجراد وأخذ حسين الكرة وجهزها وتم اختيار أرض قريبة من القهوة وبدأوا في تخطيط الأرض ومن ثم مزاولة اللعب وبعد عدة أسابيع التحق بهم أحمد قارون وأحمد آشي وغيرهما وأصبح عددهم يزيد على (30) لاعباً وبذلك شكلوا أول فريق في العاصمة المقدسة بعد الحرب وكان هذا الحدث طبقاً لما ذكره لي الأستاذ عباس حداوي ومحمد أزهر ومحمد فودة أن يتمرنوا مع إخوانهم الإندونسيين وهذا ما حدث فعلاً.. لكن هذا ضايق البعض من الإندونسيين فحاولوا أن يمنعوهم بطريقة غير مباشرة باستخدام الخشونة معهم في الملعب إلى أن منعوهم ومن جراء هذا أصيب عباس حداوي بضربة في ساقه وتضامن معه زملاؤه الذين لاحظوا الخشونة المتعمدة ضدهم فخرجوا من الملعب.
وتبعاً لذلك تدارسوا إنشاء فريق آخر لهم وخططوا ملعباً مجاوراً لملعب الإندونسيين لكن هذا الفريق الثاني لم يستمر للصراع على الرئاسة بينهم ولكنهم اتفقوا أخيراً على أن يختاروا الرئيس بالتصويت.
لكن التصويت فشل ولم يتم ولم يبق إلا عبدالله المهنا وهو أحذ المنافسين على الرئاسة وبعض الأفراد يصوبون على المرمى وفي هذه الأثناء حصل انقسام آخر في فريق الإندونسيين على الرئاسة ففريق يريد أحمد قاروت رئيساً وآخر يريد أحمر فيرا رئيساً لكن الأخير فاز على القاروت الذي انسحب واتفق مع عبدالله المهنا وصحبه على تأسيس فريق جديد أسموه الحزب الرياضي.
تأسيس الوحدة
لاحظ المؤسسون لهذا الفريق الذي أصبح ينهض يوماً بعد الآخر أن هذا الاسم غير مناسب (الحزب الرياضي) خاصة بعد انضمام أعضاء جدد وتم اختيار اسم جديد وهو (الوحدة) وفي عام واحد وقفت الوحدة واشتد عودها وأصبح لها أكثر من فريق منها الأشبال والنواة، وقرر الفريق أن يكتسب مزيداً من التأييد والدعم فوجه دعوة للأمير عبدالله الفيصل - رحمه الله- ليحضر مناورة يضمها الفريق بين فرعيه على ملعبه بالمسفلة وشرفها رائد الرياضة وأعجب بمهارة اللاعبين، وبعد الحرب العالمية الثانية عام 1364هـ ظهر عدد من الفرق وانتعشت الكرة في مكة المكرمة ومنها اتحاد الإخوان، الشبيبة السودانية، الوحدة، الشباب الرياضي، الشبيبة السعودية، زهرة الوطن، السلام، ملاياتيم، دار الأمان، التضامن، النصر، الوطني السعودي، وغيرها من الفرق، طبعاً يلاحظ اختفاء أسماء الفرق الإندونيسية، وأصبح اللاعب السعودي والعربي هو المشارك الأكبر في الملعب في فرق الأندية.
كأس السنبس
قدم محمد خطيب سنبس في عام 1368هـ كأساً لتحريك النشاط الرياضي وهذه الكأس من الفضة الخالصة صنعها لدى صائغ في مكة بحيث تلعب المباريات عليها بين منتخب الشبيبة السعودية من جدة ومكة وإزاء ذلك شكل السنبس فريقاً بمكة المكرمة يحمل هذا الاسم وبين الشبيبة الحضرمية والسودانية ومن لاعبي جدة الذين شاركوا في هاتين المباراتين زهران أسود والبرق ولقد لعبت المباراة الأولى بدون شباك للمرمى والمباراة الثانية لعبت بالشباك للمرمى وقد لعبت المباراتان في مكة المكرمة وجدة ولم يسلم السنبس الكأس لأي فريق لتعادلهما في هاتين المباراتين، وفي أوائل السبعينيات الهجرية أنشئت أندية جديدة في مكة المكرمة مثل الهلال الجوي الذي تأسس عام 1371هـ برئاسة جميل كابلي كما قام درويش حمزة بالإعلان في جريدة البلاد السعودية في 9-5- 1371هـ عن إعادة إحياء فريق الوطن الشهير وممارسته لتمارينه في المعابدة إلى جوار قهوة عثمان بصفته رئيساً للفريق.
كما تأسس عام 1371هـ فريق الشباب العربي السعودي برئاسة عبدالمجيد (قنذر علي) وفي عام 1373هـ تأسس فريق نجم الشرق وفريق البلاد السعودية.
رائد الرياض يدعم الوحدة
ومن أشهر المباريات التي أقيمت في مكة المكرمة بعد الحرب العالمية الثانية كانت في 7-1-1368هـ عندما أقام فريق الزهور على ملعبه بالهنداوية مناورة شهدها جمهور كبير انتهت بالتعادل 0 - 0 وأيضاً في 5-2-1368هـ مباراة جمعت اتحاد الإخوان مع فريق الشبيبة السودانية حيث التقيا على وسام ثمين قدمه أحد المشجعين للرياضة على ملعب الاتحاد بالمسفلة وانتهت أيضاً بالتعادل السلبي.
وفي 22-3-1369هـ التقى الوحدة مع الفريق السوداني على الوسام المقدم من أحد الشخصيات الرياضية وانتهت بالتعادل وفي 14-5-1369هـ التقى الوحدة الرياضية مع المختلط السعودي على ملعب الوحدة بالمسفلة على شرف الأمير عبدالله الفيصل ومدير الأمن العام ونائب رئيس مجلس الشورى وانتهت 3-2 للوحدة وفي 10-4-1370هـ أقامت الوحدة بحضور الأمير عبدالله الفيصل وسمو الأمير سعد بن فهد وسمو الأمير خالد الفيصل مباراة بين أشبال الوحدة والفريق الإيطالي على ملعب أهلي جدة وبيعت التذاكر بالقشاشية بدكان سالم سجيني وفاز الوحدة 2-1 وفي يوم الجمعة 7-6- 1370 أقيمت مباراة بين فريقي الوحدة بمكة والاتحاد من جدة على ملعب الوحدة بجرول وكانت قيمة تذكرة المباراة (4 ريالات) وبيعت تذاكرها بدكان سالم سجيني وبيعت في جدة بدكان حسن قزاز بسوق الندى.
وعلى أثر إعلان إقامة هذه المباراة انهالت التبرعات على الوحدة حيث تبرع الأمير عبدالله الفيصل بألف ريال والأمير سعد بن فهد بألف ريال وعبدالرؤوف صبان بـ500 ريال وعبدالرحمن صبان بـ300 ريال، وسلمان السديري بـ200 ريال، وحامد دمنهوري بـ200 ريال، ويوسف خضري بـ200 ريال، وعبدالله عريف بـ100 ريال وتبرعات أخرى... إلخ.
وقد شهدت هذه المباراة حضوراً جماهيرياً كبيراً وكسب الاتحاد المواجهة بهدف أشاع الفوضى في الملعب وتوقفت المباراة واحتج جمهور الوحدة ولاعبوه بحجة أن الهدف تسلل وقد حكم اللقاء نثار حيدر وعلي سعيد وعبدالرزاق بليلة.
التأسيس في جدة
أما انطلاقة الرياضة في مدينة جدة فكانت في عقد الأربعينيات الهجرية حيث كان فريق الرياضي أول الفرق التي نهضت بلعبة كرة القدم التي عادت إلى مدينة جدة عام 1346هـ بعد عودة الحُكم السعودي إلى الحجاز قبل ذلك التاريخ بعامين، فإذا كانت مكة المكرمة أول مدينة لعبت فيها كرة القدم من خلال الفرق الجاوية إلا أن جدة كانت أول مدينة في المملكة يشكل فيها فريق من الوطنيين في الحقبة السعودية وكان فريق الرياض الذي يعتبر أول فريق تأسس في جدة في العهد السعودي وضم نخبة من المثقفين أمثال حمزة شحاتة، محمود عارف، حسن كامل، عمر نصيف، محمد درويش، حمزة فتيحي، محمد جار، يونس سلامة، كما ضم الفريق الوليد أبناء الطبقة البسيطة أمثال علي يماني، أحمد أبو طالب وعثمان باناجه، عباس خميس، محمد علي عتيبي وصالح سلمة وصالح هاشم وعيسى جمجوم... وغيرهم.
الانقسام الأول!!
مارس فريق الرياضي الكرة فترة محدودة إلا أنه لم يلبث أن انشق على نفسه في منتصف عام 1347هـ لخلافات بين أبناء النادي بسبب المستوى الاجتماعي فخرج عدد من اللاعبين من أبناء الكادحين ومن يؤيدهم من الميسورين المثقفين أمثال عبدالرزاق جميل وزهران إسماعيل وعثمان باناجه وعبد الصمد نجيب وحمزة فتيحي وأسسوا فريق الاتحاد الوطني وشكلت إدارته برئاسة (علي سلطان) وسكرتارية عبدالرزاق عجلان وعباس حلواني وصالح سلامة وحمزة فتيحي فيما واصل الفريق الرياضي الحجازي وهو اسمه الكامل تمارينه ومبارياته وكان سكرتيره عام 1351هـ يونس سلامة.
شعار الاتحاد
أما فريق الاتحاد فعقد كل من عبدالعزيز جميل وزهران إسماعيل وعبدالصمد نجيب وباناجه وعبدالرزاق عجلان وحمزة فتيحي بعد انفصالهم عن الفريق الرياضي.. اجتماعاً خلف مبنى اللاسلكي القديم تدارسوا فيه كافة المسائل المتعلقة بناديهم الوليد الذي اكتمل تكوينه وتسميته بالاتحاد الوطني وبحثوا عن شعار مميز لفريقهم أسوة بالفرق الأخرى واتفقوا على أن يرسلوا إلى السودان لطلب شعار لفريقهم الجديد على اعتبار أسبقية السودان في ممارسة الكرة.